للأرض استغاثة.....أحرثوني...إزرعوا فيّ القمح.
قلمّوا أغصان الخيانة....نظفوني من أعشاب حقدكم.
اسقوني من ينابيع محبّة خالصة...لا صبغات عنصريّة تدخلها..لا ولا موادّ حافظة للكره والبغض والحقد.
انظروني بحدقة عيون أطفالكم وهم يلعبون ويقوّون عضلاتهم الدّقيقة والغليظة بتراب غالٍ... لا تتفاوضوا عليّ بمزاد علنيّ...وتدّعون الوطنيّة... فلي عيون تراكم...وقلب ينبض بحبكم هذا هو يومي...وهكذا أفرح باحتفالكم. للأرض حنين...أن يلتئم جرحها ويستكين...هذا الجرح الذي نزف مرارة الألم والحقد والأنين. للأرض رائحة طيبة...فلا تتظاهروا بالزّكام لا ولا بحساسيّة الرّبيع.
للأرض نداء....فلنسمعه بآذان ضمائرنا ولنكرّس ليومنا أرضًا تعشقه. للأرض عمق ودفء وأمانة...فكم من مرّة اضطررنا أن نلقى بحبّة قمح بشكل عشوائي ونسينا الأمر ولكنها -أمّنا الحنون -لا تنسى فها هي تُخرجها سنبلة وها هي السّنبلة تمتلئ وتنحني تواضعًا تمامًا كما قال الشّاعر: "ملأى السّنابل تنحني بتواضع ".
الأرض تتكلّم كلّ اللّغات...وتفهم كلّ اللّغات فلتعذرني سيّد مكّاوي... هي تصرخ ظمأ تراب لحنان فلاّح اعتزل أرضه ويتباهى. هي تصرخ أعطوني معولاً...ومحراثًا قديمًا...وسأحرث نفسي بنفسي.
غدًا نوّدعك...آذار ونشكرك...فحملت عبق الأمومة والحنان من أمّنا البيولوجيّة...وأمّنا الأرض ولا أجمل من ترديد مع أبي القاسم الشّابي على لسان الأرض
"فـلا الأفْـق يحـضن ميْـتَ الطيـورِ ولا النحــلُ يلثــم ميْــتَ الزهـرْ
ولــولا أمُومــةُ قلبِــي الــرّؤوم لَمَــا ضمّــتِ الميْـتَ تلـك الحُـفَرْ"
كلّ يوم واشتياقنا للأرض وليس فقط ليوم الأرض..كلّ آذار وأمنّا الأرض تباركنا بحلّة طبيعيّة جميلة.
فالأرض هي رفات العباد أولم يصرّح ذلك أبو العلاء المعرّي بقوله:
"سر على الأرض رويدًا لا اختيالاً على رٌفات العباد"
ومن رفاتنا ينبت الزّنبق والعوسج والعنب والتّين ويتزيّن ذلك بصبر شائك حلو المذاق، وهكذا نفهم قول الأنبياء..تراب وإلى التّراب نعود. وأخيرًا...الأرض تبكي....دموعًا بألوان....
فليكن يومها مباركًا..فدموعها سرّ انبثاقنا.