هي جولة في طبيعة نفسيّة، تلتفّ حولها أشجار متشعبة الفروع باسقة الأغصان. كم كنتُ بحاجة لدفتر لأقتطع منه ورقة صغيرة لأدوّن عليها قبضة مشاعر وحفنة أحاسيس. كم تمنيت أن أسرد قصّة الذّات لغير الذّات التي تسكنني، لم أفلح إلاّ مع بعض التّحفظات.كم كنت بحاجة لكتاب أقرأ به قصّة تجمّد المشاعر أمام لهيبها...كم كنت بحاجة لمداد ليس كالمداد...يكتبني قبل أن أكتبه.. نظرت لنفسي وقلت لذاتي: كم أشتاقك....نفسي الضّالة..في أزقة الزّمنكان، أشتاقك أيتها الأفعال النّاقصة...إلا من الاسم المرفوع
أشتاقك...أدوات الاستثناء...إلاّ من حبيب غاب في ذاك الفضاء.
أشتاقك..حروف جرّ لا تجرّ الاّ الأسماء
أشتاقك...أستاذي في علم صرف للفعل،علّ أفعالي تتخذ من قواعدك صواب الاستقامة في جملة..تصلح أن تكون مفيدة في زمن.......لا افادة فيه إلا للجمل المبهمة.
أشتاق...وفي الشّوق...معنى للحُلم المعتّق في زمن الأحلام.
هي تجربة قصيرة المدى، ما لبثت أن ولدت حتّى ماتت في مهد صغُر بها ولحد اتسع لها ولأفكارها، هي فكرة ما لبثت أن رأت خيوط النّور حتّى تلاشت في لجة عتمة الظّلم وظلام السّجن. تقول لذات نفسها: تهرب الشّمس....من وهج الصّراع.......فتبرد الاحاسيس. في دربها طول للسّماء.......وفي السّماء تجمّعت قطرات غيث من تبخّر أحلامها......وجاءت الريح قويّة فبعثرت القطرات هنا وهناك وكان للهناك والهنا........قطرات ماء عادت تتبخر فتماهت نفسها....ودورة المياه في الطّبيعة.
أسمع بكاء طفل في داخلي.....أسمع صريخ مستغيث لا يطلب شيئًا من اللاشيء... بل من كلّ الأشياء.......غريب طفلي المتواري في هذه النّفس غريب أمره وعجيب.
لا أحبّ القلائد الضّيقة التي تخنقني......وتبرق في وجه العابرين
قالت: لا أحبّك انتقامًا...بل... استحقاقًا وختمت جواز سفرها........في ميناء عينيه
وأبحرت....تشقّ عباب اليمّ بنظرات الانتظار.....