واية ظلال باهتة للأديب الفلسطيني نازك ضمرة المغترب في أمريكا، صدرت عام 2006 عن دار فضاءات للنشر والتوزيع والطباعة في عمّان- الأردن. وتقع في 332 صفحة من الحجم المتوسط.
في روايته «الجرّة» الصادرة عام 1997 عاد أديبنا نازك ضمرة الى طفولته في مسقط رأسه قريته بيت سيرا، واستذكر تلك الطفولة بما لها وما عليها، وفي روايته هذه «ظلال باهتة» يعود بنا إلى مرحلة المراهقة والشباب المبكر التي عاشها، وقد لجأ الى الخيال الذي ينطبق على الواقع ليكتب لنا ما يشبه سيرته وسيرة أبناء جيله، ...كتب عن مرحلة الدراسة الثانوية، وعن النكبة الأولى وما صاحبها من ضياع ولجوء...كتب عن التشرد والضياع والفقر والحرمان، وعن تشتت العائلات والأسر الفلسطينية في مخيمات اللجوء...كتب عن عمله كمدرس بعد أن أنهى الثانوية العامّة «المترك» وكتب عن حبّه الطفولي الأوّل لابنة الجيران، وعن حبّه المبكر الذي ابتدأ صدفة في سيارة أجرة، واستمر لاحقا...كتب عن القيود الاجتماعية التي تقيّد العشّاق الشباب، ومحاولتهم كسر هذه القيود، وكتب عن الفضيلة وعن الرذيلة، وعن القوّادين وعمّن مارسوا البغاء مستغلين الأوضاع الاقتصاديّة لفتيات جار عليهن الزمن، وكتب عمّن ارتادوا "مقاهي" معاقرة الخمور وتعاطي المخدرات، ولم يغب عن باله المرور على فئات اجتماعية، اشتركت وتباعدت في حياة البؤس مع أنها مختلفة قوميا ودينيا وطبقيا....وكتب عن الأسرة الفلسطينية الممتدة وعن التكافل الاجتماعي بين أفرادها....وكتب عن أحزاب وقيادات كلها تمسحت بقميص القضية الفلسطينية...وكتب عن المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وكنيسة المهد…كتب رسائل العشق والغرام.
فهل ما كتب عنه هو مجرد"ظلال باهتة"لا يزال طيفها عالقا بذاكرته؟ أعتقد ذلك خصوصا وأنه يعيش مغتربا في الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك رأى ثقافات مختلفة، فعاد إلى ذاكرته ينبشها ويلهو بحلوها ومرّها....والذكريات جميلة دائما.
الأسلوب واللغة: استعمل الكاتب لغة سردية تداخلت فيها حكايات وقصص من هنا وهناك، لتخدم النص، وكأني بالكاتب المولود عام 1936 يريد أن يقول لجيل أبنائه وأحفاده: هكذا عشت وأبناء جيلي.
وفي سرده لجأ الكاتب الى عبثية النصّ، فتراه يتكلم عن حكاية ما، ثم يدخل في أخرى بعيدة عنها، ثمّ يسترجع ثالثة بعيدة عمّن سبقنها، وكأنه يريد التعبير عن عدم انتظام الحياة في تلك المرحلة.
المكان والزمان: تدور أحداث الرواية في قرية الكاتب"بيت سيرا" التي لم يذكر اسمها، وتتنقل الى رام الله والقدس وعمّان والزرقاء وبيت لحم...وبعض القرى التي لم يذكر اسمها أيضا....وكان الانتقال من مدينة الى أخرى لا يبدو منطقيا في كثير من المواضع، وإن كان يعتمد على الاسترجاع، وهذا ما يتعب القارئ في الربط بين الأحداث.
شخصيات الرواية: واضح أن الشخصية الرئيسية في الرواية هي شخصية وديع، وبالتأكيد هي شخصية الكاتب نفسه، لكن المثير هو شخصية المرأة"رامينة، فامينا، مينا، وأمينة" ولم يترك الكاتب للقارئ متعة التفكير بهذه الشخصية، عندما مهّد لها في الصفحة 9 موضحا أنها أسماء لنفس المرأة. فماذا أراد بذلك؟ فهل أراد بأن يقول للقارئ أن المرأة هي المرأة نفسها مهما تعددت أسماؤها أو شكلها أو ديانتها؟ أم ماذا؟ أم أراد أن يقول لنا بأن هموم المرأة ومعاناتها واحدة؟